غادريني
غادريني … أرجوك غادريني
دعيني … لحزني و حنيني
اتركيني … لما بقي دعيني
أنا الشاعر المنتحرة حروفه … أنا الشاعر الذي حمل صليب حبه خمسين عاماً ، شربت دم قصائدي و أكلت أكباد القوافي حشداً لك ، لاحقت اللغات و فتشت أشباه الجمل … حاصرت العبارات حتى انحت على شفتيك بسمة عابرة أو ضحكة مؤقتة و ليتني ما فعلت ، ليتني دريت أن قلبك أصبح كوكباً في غير مجرتي و أن طيفك غادر محبرتي ، و ليني عرفت يوماً … أن دمعتي هطلت على سراب … أيا حمل دموعي لماذا كل الدنيا تريد اصطيادك ؟
قد خدعني قلمي إذ كتب فيك أجمل ما تمنى و ليته كتب حقيقة ما عرف … كم كنت عروس قافيتي و ملهمتي و الذكر السابح السائح على شفتي و الخيال الرائح الغادي بمملكتي ، فلماذا توقدين تحت قصائدي نار الغياب ؟
أما كنا متوحدين تحت مطر الموسيقا … تؤرجحنا ضمة الشوق القاسية ، و يسحبنا صدى الآه الى موائد الغرام … قد كانت حمرة شفتيك الرعناء تصبغ قميصي و تزرع لمعانها على خدي … كانت تلون الزمان و المكان و كان قلم الحمرة يذاكر لنا دروس القبل ، كانت له مدرسة و أبجدية … و كنا تلاميذه الأغبياء ، كان الحب حتمية فأصبح الفراق حتمية لأن البعد يهزم ألف قافية و يغرق كل العناوين و ينوط لحن النبض على أسطر الاختناق … فيا تلاشي الاشتياق اكتب على هذه الأوراق … قصة الرحيل … قصة السفر الطويل … و انثر صوتي على أكتاف الدموع إن أكتافي انهدمت من حمل الحنين … احذف لون عينيها الخضراوين من دمي و مواسمي … اكسر ريشات هذا اللون و قص ضفائر الربيع … و أعلن لها
غادريني أرجوك غادريني .
دعيني …لحزني و حنيني
اتركيني لما بقي دعيني
بقلمي أحمد يمان قباني