قصة قصيرة : صراع مع الظلام
………………………
أسوأ شيء يمكن أن يحصل عندما أكون منشغلا مع أوراقي غارقا في كتاباتي وتنقطع الكهرباء فجأة دون اتخاذ أي إجراء احتياطي مني ، قمت يملؤني الامتعاض وقد قُطع حبل أفكاري أبحث عن شمعة تبدد الظلام الدامس الذي راح يخنق بيتي ، وكما الأعمى مددت يدي أقشع الظلام عن طريقي سائرا على هديها ، لكني التطمت بالطاولة فتبعثرت أوراقي ودواة حبري ووقعت كأس الماء على الأرض ، وتفتت أشلاء فوق البلاط . رحت أمشي على أطراف أصابع قدمي الحافيتين ، وأتحسس الأرض خوفا من أن تنغرس في إحداها شظيةٌ من شظاي الكأس ، واستشاظ غيظي من هذه العتمة البهيميَّة ولم أكن قد خطوت بعد أكثر من ثلاث خطوات .
ماالذي يجب علي فعلُه الآن وقد وجدت نفسي محاطا بحقل من الألغام ، ومن شدة ارتباكي رحت أدور حول نفسي في ذات مكاني لاأعرف كيف أتصرف ، وكان لدي أحد الحلين إما أن أتابع السير على أطراف قدمي أو أقفز قفزة طويلة قد توصلني إلى باب الغرفة وأخرج سالما من أي جرح .
في خضم العتمة…وحر الغضب يلهبني...شعرت وكأن سوادها واقف أمام وجهي سدا هائلا يمنعني من الحراك ، وبما أني أعرف جهة الباب ارتأيت أن أقفز مؤملا من نجاة قدمي ،
ياإلهي نسيت الجهة التي أنا سأتوجه إليها بعد دوراني .. قلت في عقلي وقد انشل عن التفكير ، وخمنت أن جهة الباب إلى يساري ، فدرت نحو اليسار متأهبا لقفزة رياضية من الثبات ربما توصلني إلى الباب ، صحت : يارب ثم قفزت قفزة عنيفة وياللهول لقد ارتطم بدني بالجدار وشْج رأسي بشيء لم أتبين ماهو ، قلت :اللعنة على العتمة وأنا أخلع قميصي وألفه حول رأسي وقد فاض مني الغضب أيما فيض ، والآن يجب علي أن أفكر بهدوء ، فتعوذت وبسملت عساني أتخلص مما أنا فيه وأحصل على شمعة تواري هذا السواد ثم أتفرغ لرأسي المشجوج بعدها ألملم حطام الكأس ، فرأيتُني أزحف على الأرض متخذا من أطراف الغرفة دليلا يوصلني إلى الباب ، وبالفعل هأنذا خارج غرفتي وبإمكاني أن أتنفس الصعداء ، أخيرا حققت بعض الانتصار على العتمة وسأستمر بالزحف إلى الغرفة الثانية لأجلب (الشمعدان) وبجانبه القداحة المخصصة له ، وبدأت أحبو كطفل متلهف عندما يطلب أمه وهو بعيد عنها ؛ لما وصلت إلى باب الغرفة وأمسكت بقبضته كي أفتحه ، وما أن ضغطت على المقبض حتى كان التيار الكهربائي قد عاد وسط ذهولي لما أحدثته من فوضى وخيبة .
كانت أوراق قصتي هذه واقعة على الأرض وقد تشوهت ببلل الماء والحبر المنسكب من المحبرة المقلوبة وضاعت معالمْها ، وكان علي صياغتَها من جديد لأنها قصة حلم استيقظت منه على حشرجة صدري ونشاف في حلقي وسعالي .
……………………
*بقلمي*عبد الحكيم بكرو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق