ليتنا ما كَبِرنا/ زينب فاضل
ليتنا ما كبرنا وليتنا ما زلنا أطفال نعيش أحلام وردية والقلوب بيضاء صافية والإبتسام لا يُفارق وجوهنا
فطفولتنا هي أجمل مرحلة مَرّت في حياتنا لا قلق فيها ولا تفكير وما كان أحدٌ مِنّا يَحسِب حساباً للأيام ونعيشُها يوماً بيوم ولا نشغل نفسنا بالتخطيط للغد
وكانت البساطة شعارنا ونوايانا حسنة، لا يعرف الحقد طريقاً لقلوبنا ، ولا الحسد لأعيُننا مافي غير الطيبة والبراءة والنقاء والأحاسيس المرهفة يملؤنا الأمل
فطفولتنا كانت الربيع الذي يُزيّن حياتنا بالزهور و عبيرها ، هي الأحلام الوردية وعالم الخيال هي الصفحة البيضاء هي صفاء الحياة هي طُهر القلوب ٠٠٠
ليتنا ما كبرنا
لكننا كبرنا وانكشف إلينا الزيف في كل شيئ مما حولنا ٠٠٠
على مدى الأيام تقابلنا وتعرَّفنا على أشخاص كثيرون منهم من اتخذ مكاناً في قلبنا بوده ووفائه واحترامه لنفسه واحترامهُ لنا ولذاتِنا
ومنهم من لَقّننا دروس قاسية وترك بقلبنا ندبات لا يُعافيها زمان ، وزادونا تأكيد أننا ما كُنّا إلا مُجرّد عابرون في حياتهم وكانوا يعلمون منذ البداية أنهم لسيوا لنا ونحن لَسنا لهم ٠٠
فشاخ كل شئ فينا لكننا تعلّمنا أن الحبَّ شرط أساسي في الحياة ولا يجب أن نستنزفه مع عابرون وأن نصون أنفسنا من مثل هؤلاء المزيفون بقناع الحمل الوديع وهم يخفون وراءه قناع ضرواة الذئاب ومكر الثعالب
جعلونا نرغب في الإبتعاد عنهم ونحن الذين يوما كُنّا لا نتخيل أبداً أن نفعل ذلك ، أجبرونا على الرحيل وآااه من طول المسافة بين الرحيل والبقاء وكيف نقطعها ونعبرُها بكل ما فيها من عثرات وانكفاءات ، وآاه من حرب بأكملها تُقام داخلنا بين أن نبقى أم نرحل لأننا نحبهم
كم من مراتٍ نغفر لهم ذِلّاتٍ من كذبٍ وحجج واهية ونغفر ونسامح بِلَين قلوبنا وطبعنا و لأننا أحببناهم بصدق
وكُنّا نبحث في قولهم وفعلهم عن أي شئ يَدل على أنهم أَحبّونا ويُحبوننا ، نبحث عن سبب واحد للإستمرار لكننا للأسف لم نجد ما نبحث عنه وكأن ما كان بيننا لم يكن
أجبرونا أن نرحل ونحن نريد البقاء نرحل ونحن نحبهم
رحلنا وغادرنا مواسم الأمنيات بلا حصاد
عانقتنا حروف ونظرات الغرباء وأنكرونا الذين كُنّا لهم وطن
تبّاً لهؤلاء ٠٠٠
أَزِف الرحيل فرحلنا نَجُرّ أذيال الخيبة وسكين الوجع تَكدّ في أعماقنا بلا رحمة
ورغم كل هذا نرسم ابتسامة على الشفاه ونحن نتظاهر بأننا تركناهم بإرادتنا وعشنا هذا الدور حتى صار حقيقة ونسيناهم بالفعل ورحلنا بلا عودة رحلنا للأبد
وسيعوضنا الله بما هو أخير منهم وسيبقوا يُحبوننا لآخر لحظة في حياتنا فخروج هؤلاء المُزيفون من حياتنا هو تطهير للعمر المتبقي فلا داعي نبكي الاطلال
لا سامحهم الله أبدا ٠٠٠
وبالفعل قد عوضنا الله بأولادنا أولاً ثم صحبة من الأخيار من كلا الجنسين وخصوصا صحبة العمل أدامنا الله في حياة بعضنا
فهم خير الصحبة التي تؤازر وتواسي وتسند وتعين
والشدة كانت سيدة الموقف أظهرت لنا من هم الصالحون من أولئك الذين أصاب العَفَنُ قلوبهم ونحمد الله أن كشف لنا عَطَبهم وتخلصنا منهم بعد طول مرارٍ وحسرةٍ ووجع
لكن في النهايةلَملَمنا أشلائنا وعُدنا ومازال أيسرنا ينبض بالحياة
زينب فاضل
٢٠٢٢/١٢/٢٢
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق