لماذا نَتَغَيَّر؟! / زينب فاضل
كل شئ فينا قابل للتغيير مشاعرنا ، شغفنا ، لهفتنا ، اتجاهاتنا ، أهدافنا ، حتى ملامحنا تتغير
أحلامنا تتغير وتتبدد الآمال رويداً رويداً عند كل محطة غدر نَمُرّ بها وتتوه المشاعر وسط زحام الأوجاع المتدافعة التى أورثنا إياها الراحلين الغائبين أورثنا إياها المسافرين بلا محطات والمهاجرين الذين أبدا لا يحطون رحال٠٠
وبعد أن كُنَّا نسير مع الزمن في نفس اتجاهه نتلقى الصفعات واحدة تلو الأخرى حتى يهتز داخلنا بِتنا نسير عكس عقارب الزمن فقد دُفِعنا بأيدي الزمن كي نسير عكس اتجاهه حتى لا نُعيد الكَرّة مرة أخرى ونعيش وجع وغدر وخذلان جديد
لم يعد فينا ڤميتو ثانية للتحمل والطعنات٠٠٠٠
أحلامُنا البيضاء ضاقت بنا واستحالت كوابيس صارت وهماً متنقلاً بين حنايانا وزوايا روحنا
وصارت الأمنيات معلقة بين جنات عدن ونار سقر ٠٠٠٠
وانصهر الزمان على أعتاب روحنا وماتت الصخكات ونزفت الدمعات وسار كل شئ عكس ما نريده أن يسير ولكننا مُطِعين للزمان وفعل القدر حتى وَصلنا لحد الجزع مما نُعانيه ومع ذلك نسير كقطعان عمياء تُسِّيرها كلاب مسعورة النوايا لتقودنا للهاوية ونحن نعلم ومستمرين طوعاً لماذا ؟! هل لأننا فقدنا الرغبة في الحياة فتركنا لها أنفسنا تَضَعنا حيثما ووقتما تشاء أم لأن الطعن في الظهر بعيد عن التصور مُباح للآخرين دوننا ؟! أم ماذا ؟!
نشعر بالأسى أحيانا ليس لأننا أسأنا التصرف بل لأننا كنا ومازلنا نحسن التصرف أكثر من اللازم ٠٠٠٠٠
قديما كنت أحسب أن الحزن مجرد إسالة للدمع وأن الحب هو مجرد ابتسامة على الشِّفاه ، كنت أعيش في عالم وردي عالم من الخيال
لكِنّي حينما كبرتُ علمتُ بأن الحزن سهمٌ يجتاحُ القلب ويجبر العين علل ذرف شلالات من الدموع ، وعلمتُ أن الحبَّ هو تسليم القلب للحبيب كعربون محبة لكي يفعل به ما يشاء ويجرحه متى يشاء
ومؤخرا اكتشفت أن واقع الحياة يختلف عن عالم الخيال الذي كُنَّا نعيشه في طفولتنا وصِبانا ليتنا ما كبرنا ورأينا عالم الوحوش هذا
هل من الممكن أن أحدا منا يتغير بعد سنين طويلة عاشها بطيبة وسذاجة وغباء وطُهر وصفاء نِيَّة؟!
كنتُ أعيش ولا يوجد خصام بيني وبين العالم بل كنت أحب عالمي بكل ما فيه ، أحب كل الأشياء أحب الخير والجمال ، السلام والحب ، الهدوء والتفاؤل والأمل
لكن للأسف كل هذه الأشياء لم تُحبني ولم تُبادلني نفس شعوري نحوها ولم أحقق أي شئ منها لذلك ازداد كُرهي لهم وللعالم وهجرت كل تلك الأشياء وتركت من أُحب لِما أصابني منهم من أذي وخيبات متتالية فاعتل قلبي وضلت العواطف وتاهت الأحاسيس ٠٠ بعد كل هذا هل ممكن أن أتغير؟! بعد كل هذا العمر وهذه السنوات ؟!
اكيد الرد والاجابة بنعم وأنه ممكن ولازم يتغير للأحسن أو للأسوء على حسب وجهة النظر٠٠٠٠
منذ سنوات حاولت أنا أملأ قلبي ببعض الحقد والغيرة وأن أتسابق من أجل مالٍ أو شهرة وأنه لابد وأنْ أُساير هذا المجتمع الغابي لكن اكتشفت مؤخرا أن كله زائل وإرادة ربنا دائما فوق كل اعتبار أو حساب
حاولت اكون قاسية ولساني كاذب والعشرة والود ما يشغلوني بقدر مصلحتي ومكسبي من هذا وذاك لكن للأسف باءت محاولاتي بالفشل فلم يكن بمقدوري وبوسعي أن أعيش في هذه الغابة تحت اسم المجتمع وأبعدت نفسي سنين عن الناس لعله يكون الحل ونجاتي لكن لم استمر ورجعت تاني بنفس أُسلوبي ، لكن لم اجد الحياة كما تركتها ، لم أجد غير ظلال باهتة وضلال ، واتساع ما تراه عيناك من المدى وجعاً ٠
ومات حلمي في اقتفاء اثر بياض القلوب الناصعة فبكيتُ وبكت معي المعاني التي لم تُكتب
أي مجتمع هذا هويته ضائعة؟! ، صارت هباء منثورا في مهب الريح٠
لم يعد بداخلنا سوى شتات ذكريات وبقايا صور بلا ألوان نغادر الحزن والوجع لكن طيفهم لا يُغادرنا ليل نهار ، فصار نهارنا ليل نطرق أبوابه بحثا عن قبس من نور وأمل يحيينا من أجل الاستمرار
لكن بحور الخذلان ممن حولنا ينبثق منها ينابيع وجع لا تجف ولا تنضب ٠٠٠٠
طال ما عشت من فرحة كاذبة أزين بها عيني حيث أن فرحتي منسية في جيب الزمن واكتفيت
لكن أحدهم شق الجيب فسقط الفرح في ذلك المدى ٠٠٠٠
ابتسامتنا مختنقة لكن نرسمها بدقة ونرسمُ لوحاتٍ بعدة ألوان ونحن نجر الألم والخيبة ونتجرع الندم
لكن إلى متى ستبقى قلوبنا مستسلمة لظل مخادع مُقَنَّع بالأمل الكاذب؟!
إلى متى نصعد سلالم قاطرة عاقدين قراننا على مقعد عابر ننظر منه إلى شتات ذكرياتنا وبقايا أوهام في حقيبة مغلقة لأشياء افتقدناها؟!٠٠٠٠٠٠٠٠
نُزاحم الحياة وتُزاحمنا الأيام وتمُرّ مُسرعة تاركة لنا الغضب والألم وتصير الأماني والأمنيات والأحلام الوردية والحياة الزاهية بعيدة عنا كل البعد كقاب قوسين أو أدنى
ومع ذلك حَكَمّتُ عقلي في وقت الأذي إلى أن عاد قلبي سليما
فمازال هناك قنديل يُضيئ بأيسرنا يسعدنا ويشغلنا قليلا عن الألم
فلا أحد يسأل أحد لماذا تتغيرون؟!
بقلمي / زينب فاضل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق