الجمعة، 23 أكتوبر 2020

( خاطرة ) للشاعرة بديع الخلف - سورية

 خاطرة:

*******

[  تسابق الحمير من حظ الركاب ]


               المهندس: بديع الخلف.

..............


               اختلف جهابذة عصرٍ لم يأت بعدُ، بعدَ تعطّلِ تقنياتِ عقولهم التي لم تعُدْ مفيدةً للكون، وبعد الاستغناءِ عن وسائلِ النقلِ المخترعة بسبب نفادِ مصادر الطاقةِ، وبعد أن عادوا إلى الاستعانةِ بالحمير والبغالِ والخيولِ واستخدامها كوسائط نقل أو جارَّةً لعرباتٍ كما في عصور ما قبل الجحشنة، فاختلفوا هل يضعون الحمار قبل العربة أم بعد العربة وخشية نشوبِ معارك طاحنة بين الطرفين، اجتمعوا وتدارسوا وقرروا عقد قمةٍ أسموها F&B+Donkey.(فرونت آند باك بلس دونكي)، في مدينة(..؟..) بتاريخ.... ...

               وجاءتِ الوفودُ واجتمعوا لكنهم لم يتفقوا، فتقاتلوا فقتل بعضُهم بعضاً والضحايا من الفريقين. وانقسمَ العالمُ آنذاكَ إلى معسكرين، أمام العربة أو خلف العربة، حتى قامتْ بينهم حربٌ كونيةٌ أفنت الكثيرَ، ثم هدأت المعاركُ وعُقِدَ مؤتمرُ الصلحِ فكانَ بيانهم النهائي المقتضبُ: أن لا يضعوا الحمارَ لا أمام العربة ولا خلفها تحاشياً للمشاكل، فقرر الذين مع وضع الحمار أمام العربةِ أن يكونوا هم أنفسهم أمام العربة ويجرونَ العربة من الأمام والذين مع وضع الحمار خلف العربة قرروا وضع أنفسهم خلف العربة ليدفعوا العربة من الخلف ليساهموا مع الذين يجرون العربة من الأمام في دفع مسيرة العربة إلى الأمام. ولكن الطرفان قرّرا وضع الحمار إلى يمين العربة يواكب السير مع الذين يجرونَ ويدفعونَ العربة دون أنْ يجرّ أو يدفع الحمار العربة. 

                 وهللوا وطبلوا وزمروا لهذا الاتفاق الإنساحيواني، وخرجت مسيراتٌ من كلا الطرفين تأييداً لهذا الإتفاق العظيم، وبرغم ذلك كانت هناك أصواتٌ تتعاظمُ من قِبلِ اليسار تقول:

 لماذا تمّ تفضيل اليمين علينا نحن اليسار ليوضع الحمار معززاً على جهة اليمين؟. 

لماذا لا يكونُ الحمارُ في جهة اليسار؟

                   احتجَّ اليمينُ على اليسار فاختلفوا وعقدوا هم أيضاً قمةً لكنهم لم يتفقوا فتقاتلوا على الحمار كلٌّ يريدُ أن يكون الحمارُ من طرفهِ فقُتِلَ الكثيرُ من الطرفين إلى أن قرر عقلاءُ الحمير عقدَ قمةٍ بين اليسار واليمين باسم قمة ال ( R&L+Donkey ) (رايت آند لفت بلس دونكي) لحل المعضلة وفعلاً عقدوا القمة وخرجوا ببيانٍ نهائي بأن لا يكون الحمار لا في اليسار ولا في اليمين بل أن يكون داخلَ العربة، ولمشاركة اليمين واليسار شركاءهم جماعة خلف العربة وجماعة أمام العربة قرر الجميعُ أن يحملوا العربة على أكتافهم كل يمثلُ مكانهُ وجهتهُ فكان الرابحُ الأكبر هو الحمار مُمَثلاً كلّ حمير الكون. وهنا استقرت الأوضاعُ وساد السلام وعاشَ الحمارُ حياةً سعيدةً هانئةً......

ألا يقاربُ هذا ما كنتُ قد كتبتهُ في هذا البيت الشعري :

وآلَ الأمرُ في الفوضى إلى عِيْرٍ         وَقادَ  الجَحْشُ  صَاحِبَهُ   كحَمَّارِ

....................

                                                                                                            المهندس: بديع الخلف.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق