قصة قصيرة
العصا
ليلة لم تعد تتسع لزخم سعادتها، حاولت باجتهاد اسداء شيء من نشوتها وبهجتها لبعض من جاؤوا يشاركونها فرحتها.
احساسها بجميع الحضور بدا ملحوظا رغم بعض الوجوه التي تراها لأول مرة.
لكم حلمت بهذه الليلة ونسجت لها من خيوط الأمل ما جعلها تتكامل يوما بعد يوم حتى نضجت، وأصبحت أمنية غالية تملأ عليها لحظات حياتها وتهون ما يكتنفها من مصاعب الأيام.
وها هي كالجوهرة الثمينة.. عندما انتشلتها من غمرة نشوتها ووهج سعادتها، كلمات امها المقلقة :
_ تذكري انك ستتزوجين رجلا نصفه ليس معك، عليك فعل المستحيل للحفاظ عليه!!
_ لماذا هذا التشاؤم؟ لست اول أنثى تقترن برجل متزوج، الأمر عادي، ولكن الشك مرهق جدا.
ازاح ضوء الفجر أنوار الزينة معلنا انتهاء الحفل، غادره المدعوون بارهاق السهر الذي طمس شوقهما لبعض.
مضت أيام حياتهما الأولى سريعا تحت خيمة من السعادة غمرتها بهذا الزوج الذي لم يشعرها قط أن هناك من تشاركها إياه، لكن خيمة سعادتها لم تدم طويلا، فبدات تنحسر شيئا فشيئا، مع مرور الوقت، مع تناقص شوق زوجها لها، حتى وصل إلى درجة البرود الظاهر في معاملته لها.
لا بد من وقفة مع الذات، راجعت مسار حياتها منذ البداية، انهمكت في التفكير علها تجد سببا لهذا الفتور الغامض المريب، الذي انقض على حياتها، لم تجد سببا مقبولا، فقد كانت اكثر من زوجة مدركة لوضع زوجها، كان يلوذ بالصمت كلما سألته عن اسباب غيابه، وانقطاعه المستمر عنها..... لعل بعدها عنه يمكنه من مراجعة نفسه، فطلبت منه زيارة أهلها.
رحب بالفكرة على غير عادته، أوصلها إلى بيت أهلها، وقبل ان يهم بالعودة، نظرت إليه محاولة استجلاب ابتسامة من بين شفتيه، تطمئن مخاوفها، وتضع حدا لقلقها، ولكنه لم يبد أي تفاؤل.
طالت ايام الزيارة عليها، والزوج الغائب لم يتصل او حتى يسأل للاطمئنان عليها.... اخذتها الحيرة كل مأخذ.
ماذا عساه يظن إن حاولت السؤال عنه؟!
تمتمت مع نفسها... ترددت... لكنها وصلت إلى قرار اكيد.
هرعت إلى الهاتف وضربت ارقاما مشوبة بقلق، حاولت ضبطه حين سمعت صوته على الطرف الآخر من الخط... لتسال بهدوء مصطنع عنه، وعن اسباب غيابه... لكن تلعثمه كان حائلا بينها وبين الاطمئنان على نفسها وعلى مستقبلها.
لم تمض مدة طويلة بعد هذا الاتصال حتى اتاها من يخبرها بعزم زوجها على الانفصال عنها.
اهكذا؟؟!!
ومن دون اسباب ينهار بناء الحياة؟؟!!
لم يكن الانفصال يزعجها بقدر غموض أسبابه.
كان الغضب والحزن يشتركان في السيطرة على اعصابها الممزقة، عندما علمت انه لم يتزوجها لحب بها، أو حاجة إليها.... بل رغبة منه في تأديب زوجته الأولى التي يحبها، وازعجه منها بعض التصرفات!!!
لماذا؟؟؟؟
ايها الزوج العزيز.... اهديتك حبي ومشاعري ونفسي، وقبلت بنصفك.... فلم أكن لديك إلا عصا للعقاب تعاقب بها، وتعاقبها؟؟؟!!!!!
اي رجل انت؟؟!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق