نحيب الرّوح
(1)
عقارب السّاعة رابضة في الزّمن الميّت..
الظّلام يلثم خدّيْ السّدفة..
أغرقُ في ذاكرتي بحجم النّسيانِ..
يطرقني صدى الفزع..
ألِدُ بذنوبي ميّتا من جديد ..
مُسجّى على سجّاد من شوك و عَوْسج..
تقُدُّني آلامي.. تعوي..
عِواء جراء الجنّ في حنادسها
كلّ الأرواح أسرى في أجسادها خَنَسَتْ..
ما ضلّ موطىء طُهر للسّجود..
سياط البرق تجلد سحابة عاقر..
أبَت البكاء و أعلنت الحداد
و لازالت خيول ذاكرتي..
تجرّ ظلمة اللّيل الطويل.. أعياها الصّهيل...
تختفي مع الصّبح.. ثمّ تعود..
فأحبس أنفاسي في بسمة..
أتذوّق لذّة سكرة الموت العجيب!!!
(2)
يأتي الصّوت إستعار صداه من جمجمتي..
"تمنّوا الموت إن كنتم صادقين"...
كلّ كواكب الألم التّائهة في الفراغ..
إتّخذت من وجعي مدارَا..
رُجومها فوانيس .. تشقّ سماء محرابي..
و اللّيل الغاشي لازال يجثم فوق جثماني
يطارد قمرا أسيرا يركض باكي..
تكشّفت آلامي نجوم عارية.. مراجيح معلّقة..
تزين سماء وجعي الأخرص الدّاجي
ويضلّ البوق ينفخ مشارقي في مغاربها فزعا
صوته زفرات أنفاسي ..
عالمي رهيب إختفى فيه الضوء في جُنحِ الظلامِ..
و تساوت الرؤية فيه.. يقظة و منامِ....
أيّتها المقابر الحبلة بالنّائمين ..
أضناك انتظاري.. إسرقيني من وجعي..
الحياة ماتت بداخلي....
(3)
هويْتُ من أعالي الوهم على رؤيا اليقين..
إلتقت بعضا منّي كُرها...
زحفتُ.. نِمتُ في جرحي القديم..
نسج عليّ الهدهد شعاع النّجوم..
كبكبة الخيل أيقظتني..
صلّيت نافلة الزّلفة.. سبّحت البهرةُ بنبضي..
في السّحر.. خلعتُ حفنة التّراب..
تقلّدتُ زرد الشّهيد.. نفذتُ من جرح جديد..
تواريتُ.. سمع الهدهد ضحكتي..
شاهد جرح العبور.. تُدلّيني خيوط النّور..
تجرّ خلفها الوميض..
تبسّم القمر لمرور موكب الشّهيد..
وضلّ الأمر سرّا.. بيني وبيني ..مُقدّسا..
الهدهد الشّاهد الوحيد.....
فرح عمار فرح
ممتاز شاعرنا الكبير
ردحذف